تحتاج الأمة أية أمة وهي تتلمس طريقها نحو النهضة إلى ما يسمى بالحس التاريخي تعي فيه ذاتها وتحقق أصالتها، وأي أمة خلت من هذا الحس التاريخي هي أمة تابعة مقلدة لاهثة، لا تعي ذاتها وبالتالي لا تملك ذاتها، ومصيرها يكون إلى زوال.
والأمة العربية والإسلامية لم تتميّز ولم تعرف إلا بالإسلام وبدعوته، والكشف عن جذور هذه الدعوة وأصالَتها يجعلها أمة متميّزة شاهدة على الناس، فلا تبعية ولا تقليد ولا ذوبان في حضارة شرقية أو غربية، ويوم تعي هذه الأمة ذاتها تشمخ عملاقة تسير في دروب الخير والعطاء للإنسانية جمعاء، تمديدها لإنقاذ الإنسانية من مهاوي الردى، تنير لها سبيل الخلاص، وتخرجها من الظلمات إلى النور فيصدق فيها قوله سبحانه وتعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} . (سورة آل عمران: ١١٠) .
وتاريخ الإسلام هو تاريخ للدعوة الإسلامية، يتلازمان صعوداً وهبوطاً, وطبيعة تاريخ الدعوة تنبع من طبَيعة الدعوة الإسلامية ذاتهَا التي من أخص خصائصها الشمول والاتساع والعالمية - فهي لا تعترف بحدود جغرافية أو جنسية أو لغوية أو سياسية حتى في الوقت الذي تمزّق فيه المسلمون إلى دول ودويلات وإمارات- لم يتأثر المسلمون بهذا التقسيم بل كانوا ينظرون إلى ذاتهم كأمة دون الناس يطلقون على عالمهم دار الإسلام، يستطيع كل مسلم أن يدخل أي قطر يقيم فيه ويتخذه وطنا هويته الإسلام وجنسيته دار الإسلام.