لقد رأينا في الحلقة السابقة الأثر العميق والواسع الذي تركته وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصابة رضوان الله تعالى عنهم، فقد تركت فيهم حزنا عميقا وأسى بالغا إلى درجة الذهول كما حدث مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلى القبائل العربية في الجزيرة العربية حيث تفاوتت انعكاساته، فمنهم من حزن، وهم الصادقون، وهم قلة قليلة، أما أكثرهم ممن قال فيهم رب العزة والجلال:{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} فقد تركت لديهم سرورا وفرحا وردة عن الإسلام. وإن اختلفت الصورة التي ظهرت فيها ردة كل فريق..
أما اليهود الموتورون، والمتنبئون الكذابون والنصارى ودولتهم الرومية، الذين يمثلون المعسكر الغربي، والفرس ودولتهم المجوسية الذين يمثلون المعسكر الشرقي. فقد دفعتهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يتحضروا ويعدوا العدة للانقضاض عل دولة المسلمين في المدينة المنورة، حتى أصبح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب وفاة نبيهم - عليه الصلاة والسلام - كما تصفهم أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها - فتقول: "لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب قاطبة وأعربت النفاق وسار أصحاب محمد كأنهم معزى مطيرة في ليلة شاتية مطيرة، بأرض مسبعة.