لقد كان الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم - يدركون هذه الأخطار والتحديات التي نجمت عن وفاة نبيهم عليه الصلاة والسلام وكانوا يدركون أيضا المهمات الكبرى التي تنتظرهم وتمتحن صلابتهم ووعيهم، وفي مقدمتها مغالبة آلامهم الشديدة، وأحزانهم العميقة، والمسارعة لانتخاب خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يجتمعون عليه للوقوف في وجه هذه المحن المتلاحقة والتي تقف في وجههم.
ضرورة البت السريع في انتخاب خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
إن اجتماع الأمة على رجل يخلف قائدها المتوفى أمر في غاية الأهمية، وله تأثيره الكبير على حاضر الأمة ومستقبلها، وعلى تماسكها وقوتها والحيلولة دون تفرق كلمتها وتمزق وحدتها، ومن هنا نجد أن الأمم ومنذ زمن قديم حتى العصر الحاضر تحرص أن يكون لقائدها، ملكها أو رئيسها نائبا يخلفه إذا نزل به الموت، ويسارع أهل الحل والعقد لتنصيبه أو لتأكيد تنصيبه خلفا لقائدها الراحل فور موته وقبل الاشتغال بمراسم دفنه، وهذا ما تقضي به مصلحة الأمة وأمنها.