لكن شأن النبوة يختلف عن شأن الرئاسات الدنيوية، ومن ثم لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم خليفة معينا صراحة من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا فقد وجد الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - أن عليهم أن يقوموا بهذه المهمة الكبيرة، وعلى وجه السرعة والحكمة لأن الأحداث المنتظرة والمتوقعة تقتضي منهم هذا البت السريع، والزمن لا يتنظر فإن لم تقطعه قطعك. ومن ثم فقد رأيناهم - رضي الله عنهم - يسارعون إلى ذوي السن والمكانة والقيادة فيهم للتشاور معهم على هذا الأمر الجلل فذهب فريق منهم إلى أبي بكر رضي الله عنه وهم كثرة المهاجرين وأسيد بن حضير في بني عبد الأشهل من الأنصار، وذهب بعض المهاجرين إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعه الزبير بن العوام رضي الله عنه في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، وذهب فريق ثالث وهم كثرة من الأنصار إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة.
لقد حدثت هذه الاجتماعات نتيجة مبادرات قام بها المجتمعون، ولم تكن نتيجة دعوة رسمية أو عامة حتى يستعيد أحد أو يقرب غيرهن ولكن هذا قد يؤدي إلى نتائج خطرة إذ قد تخرج كل مجموعة برأي لا سيما إذا كانت تشمل أو تمثل عددا كبيرا من أهل الحل والعقد، ثم تطلب من عامة المسلمين الموافقة على ما اتخذته من قرار فإذا اختلف القراران فتح بذلك المجال لأن تبذر بذور الفتنة..
وخطورة هذه الحال لم تكن غائبة عن الصحابة - رضوان الله تعالى عنهم -، ومن ثم لمل علم بعضهم باجتماع المهاجرين ومن معهم من الأنصار إلى أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - واجتماع الأنصار في سعد بن عبادة رضي الله عنه سارع إلى أبي بكر وعمر وأخبرهما باجتماع الأنصار.