كان هدف الإسلام العقائدي الأول تحرير العقل البشري من قيود الجهالة، وانحرافات الضلالة، وتخليص العقيدة من جمود الفكر وتبلد الحس، وتنقية النفس من أسر التقليد وعبودية العادة.
فلقد كان الإنسان قبل مجيء الإسلام يعيش في سجن مغلق يمسك بمفتاحه السلطان الكهنوتي الذي يوجه العقول وفقا لخطة استغلالية مرسومة، وتبعا لمصالح ذاتية موضوعة.
هذا في الغرب. وفي الشرق كان يمسك بالزمام جماعات من الأحبار والرهبان لا ينهضون لتحرير العقيدة، وإنما ينهضون لبقاء سلطتهم وتثبيت نفوذهم على ما كسبوا من أتباع، وما انضم إليهم من أشياع. وفي مكة الذات كان يقف إلى جانب سلطان الأحبار والرهبان سلطان رهيب من العصبية الحمقاء، والتقاليد الموغلة في الضلال، والعادات العريقة في الانحراف.
وجاء الإسلام بنوره، وبزغت فكرة التوحيد الإسلامية البسيطة، تشع وضوحا وبساطة وإقناعا، ليست في حاجة إلى فلسفة معقدة أو إلى مغالطة مبلبلة أو إلى جدال عقيم. إنما تعطى المبدأ الحقيقي في يسر وسهولة وفي إشراق وإقناع.
وبرز إلى الوجود الشعار الصادق الخالد:
(لا إله إلا الله، محمد رسول الله) .
وأعلن الرسول الكريم –صلوات الله وسلامه عليه- مفتاح الباب إلى الإسلام، وأعطى إشارة المرور للحيارى والضالين ليعبروا منطقة الظلام إلى منطقة الأمان. وما أروع هذا الشعار وما أعظمه، وفي الوقت نفسه ما أبسطه وأيسره. لأنه يعطى الحقيقة كلها عن الوجود وخالقه مجردة لا غموض فيها ولا إبهام، ولا تعقيد ولا جمود.