سبحان من لا أحد أصدق منه قيلا، ومن قوله عن الإنسان الذي خلقه:{إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}{قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} ، فالموجد يعرف سر ما أوجده {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .
فقد راح هذا الإنسان يضع لنفسه حقوقا، فجعلها على نفسه حتوفا.
راح يضعها وكأنه وضع لنفسه شيئا عجز خالقه عن أن يصنعه له.
فعل ذلك وكأنه راحم لنفسه أكثر من الذي كتب على نفسه الرحمة، سبحانه.
فعل ذلك وهو الضعيف المصنوع، وكأنه ينبئ صانعه بما لم يعلمه عنه {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأََرْضِ} .
ذهب هذا الإنسان ينشئ لنفسه ما سماه (حقوق الإنسان) ، لا لشيء إلا أنه مع ربه كثير الجدل طويل اللسان، {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} .
وكأن القرآن العظيم والسنة السنية التي شرحته، وقد وسعا شؤون الدنيا والآخرة لم يسعا حقوقه.
وأخذ هذا القاصر (حقوقه) وقدمها إلى (هيئة الأمم المتحدة) لتقوم على هذه الحقوق وتؤديها له كاملة غير منقوصة.
فإذا بالإنسان قد استبان له بعد أن أفاق من غشيته أن هيئة الأمم المتحدة التي ائتمنها على حقوقه هي (هيئة أمم مختلفة) ، لم تتحد يوما داخل مبناها، ولم يفد وجودها شيئا لنفسها، فهل تقيم حقوقا لكل إنسان في كل أرجاء الأرض؟ هي ومجلس أمنها المعروف؟!