هذه الآية الكريمة جمعت مفردات هذا الفصل كاملة وهي: الإرادة، والإلحاد، والظلم، وهذا لبُّ البحث ومُعْظَمُه.
والمعنى الإجمالي للآية يبيِّن أن الكافر من شأنه الإعراض عن طريق الله القويم، الذي بيَّنَه لعباده، بواسطة رسله، ليبقي على أغراضه الدنيئة، ويهمه أن يجد غيره من الناس يشاركه نهجه، ومعتقده، فيقومان بمنع من استطاعا عن الهدى.
وكفار قريش زادوا على ذلك - بحكم نفوذهم القوي في مكة - بمنع المؤمنين، ممن اعتنق الإسلام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ممن يقصدون المسجد الحرام للطواف فيه حول الكعبة، وملازمته بالانقطاع إلى العبادة فيه لله، وكانوا لا يفرقون بين مسلم أهل الحرم، وغيره ممن يقصده من خارج الحرم، وهم يفعلون ذلك نكاية بالمسلمين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وبصنيعهم هذا قد عدلوا عن القصد، وأعرضوا عن الحق، وسلكوا طريقاً معوّجاً، ظالمين أنفسهم، والآخرين.
وحتى في حالة عجزهم عن الانتقام من المسلمين حسياً، أو معنوياً، فإنهم يضمرون ذلك في أنفسهم، فتوعدهم الله عز وجل بعذاب أليم، وأنكر عليهم صدهم المؤمنين عن شهود بيته، وقضاء مناسكهم فيه، ودعواهم أنهم أولياؤه.
المبحث الأول: الإرادة
قال في اللسان: وأراد الشيء: أحبه، وعُنِيَ به.
وقال الجوهري وغيره: والإرادة (المشيئة)[١] .
وقال الجرجاني: في تعريفاته - الإرادة: ميلٌ يعقبه اعتقاد النفع [٢] .