تقول العرب: النادي والندوة والنديِّ والمنتدى وتريد: مجتمع القوم وأهل المجلس فيقع على المجلس وأهله ومنه الآية الكريمة: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّا} ؟ ومنه الحديث النبوي في قصة أم زرع قريب البيت من النادي. واجعلني في الندِيّ الأعلى. أي: اجعلني مع الملأ الأعلى من الملائكة.
ويجمع النادي على أندية وأنداء ومنه: حديث أبي سعيد: "كنا أنداء فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم". يريد كنا قوماً مجتمعين.
وتقول: نادى الرجل: جالسه في النادي. وتنادوا: تجالسوا في النادي. وندوت القوم: جمعتهم في النادي. وندوت وانتديت: حضرت النادي. وما يندوهم النادي أي: ما يسمعهم من كثرتهم. ومنه قول بشر بن أبي حازم:
وما يندوهم النادي ولكن
بكل محلة منهم فئآم
والعرب عرفت النادي وبنت له قصراً كانت تجتمع فيه لشؤونها الداخلية والخارجية وللمشورة في أمورها، ويحضره ذوو الرأي والفكر فيهم.
بنى النادي وأقامه للعرب قصي بن كلاب الجد الرابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتهر في التاريخ باسم دار الندوة، فكانت قريش تجتمع فيها للرأي والمشورة، فما تنكح امرأة ولا يتزوج رجل وما يتشاورن في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواءً لحرب قوم من غيرهم إلا في دار الندوة. وفيها كانت قريش تقضي جميع أمورها، والعرب تبع لقريش في كل شيء. ولتكون دار الندوة قريبة من الناس بنيت بلصق الكعبة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة.
ولم تكن قريش تسمح بدخول دار الندوة إلا للرجال الناضجين عقلاً وتجربة أبناء الأربعين عاماً، إلا بنو قصي فكانوا يدخلونها كباراً وصغاراً.