للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البديع عند الحريري

فضيلة الدكتور بيلو أحمد أبو بكر

قسم البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم، وبعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه وزوجاته أمهات المؤمنين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الحريري:

هو أبو محمد القاسم بن علي بن عثمان الحريري البصري، ولد [١] ونشأ ببلد قريب من البصرة، وتتلمذ على كثير من علماء البصرة، وعرف بالذكاء والفطنة والفصاحة وحسن العبارة، ورزق الشهرة وذيوع السيرة في التأليف، وله مؤلفات كثيرة منها كتاب المقامات الذي سنتناول الحديث عن البديع من خلاله إن شاء الله.

ويحكى أنه كان دميما قبيح المنظر، فجاء شخص غريب يزوره ويأخذ عنه شيئا، فلما رآه استزرى شكله؛ ففهم ذلك الحريري ذلك منه، فأسره في نفسه، فلما التمس الرجل أن يملي عليه قال له الحريري:

ما أنت أول سار غره قمر

ورائد أعجبته خضرة الدمن

فاختر لنفسك غيري إنني رجل

مثل المعيدي فاسمع بي ولا ترني

فخجل الرجل منه وانصرف.

والحريري نسبة إلى صنعه وبيعه الحرير.

وجولتنا في (البديع) عند الحريري تدور حول مقاماته المشهورة، ومن هنا نجد أمامنا سؤالا هو: ما المقامة في اللغة العربية؟، ثم ماذا يعنيه الحريري بالمقامة؟

إذا استشرنا كتب اللغة العربية فستقول لنا: المقامات هي المجالس، وواحدتها مقامة، والحديث يجتمع له ويجلس لاستماعه يسمى مقامة ومجلسا؛ لأن المستمعين للمتحدث ما بين قائم وجالس، ولأن المتحدث يقوم ببعضه تارة ويجلس تارة أخرى، كما أن المقامة هي المجلس يقوم فيه الخطيب يحض على فعل الخير.