يظن كثير من الناس أن الدين شيء وأن الحضارة شيء آخر وأن المتدينين قوم، وأن المتحضرين قوم آخرون، وهذا ظن خاطئ، تسرب إلى أقطار العالم الإسلامي في العصر الحديث نتيجة لانتشار مظاهر الحضارة المادية الوافدة من الغرب العلماني الذي فصلت دوله عن العلم عن الدين، وحسبت الدين داخل جدران الكنائس، فلم يعد له أثر فعال في سلوك الناس، لذلك ينبغي بيان صلة الحضارة بالدين، حتى لا يخدع شباب المسلمين، بما يروجه أعداء الإسلام أياً كان لونهم من ضرورة الفصل بين الدين والحضارة، مجاراة للعلمانيين.
ولكي تتضح الصلة بين الدين والحضارة، ينبغي أن نتبين المقصود بالدين ثم نتبين المقصود بالحضارة لتظهر الصلة بينهما، وبالله التوفيق.
أولاً: المقصود بالدين:
يطلق الدين على كل معتقد يدين الإنسان به نفسه، ويلزمها إياه، وما يقتضي به هذا المعتقد من عبادات وأحكام وأخلاق ونحوها، وهو بهذا يشمل كل معتقد يعتقده الإنسان، سواء أكان هذا المعتقد حقاً أم باطلاً، صالحاً أم فاسداً، هدى أم ضلالا.
فدين رسل الله هو دين الحق, ودين رسل الله هو الإسلام, فيه بعث الله رسله، وأنزل كتبه، وأساسه الإيمان بالله واحداً لا شريك له, وإخلاص العبادة له, بحيث يكون الله وحده هو المعبود وهو المطلوب وهو المقصود، وبحيث يراقب الإنسان الله في كل عمل يعمله، سواء أكان هذا العمل من أعمال الدنيا أم كان من أعمال الآخرة، إذ لا فضل بين الدنيا والآخرة في دين الإسلام.
أما دين الكفر وأصحاب المذاهب الضالة المضلة قديمها وحديثها فدين فاسد لأنه يقوم على شرك وزيغ وضلال.