هذه هي الرسالة الثانية عشرة من رسائلي إليك، سوف أحدثك فيها عن الصيغة الرابعة وما بعد الرابعة من هذه الصيغ التي تدخل فيها همزة الاستفهام على (لا) النافية للفعل المضارع، وكنت قد حدثتك من قبل عن ثلاث صيغ من هذه الصيغ.
أما الصيغة الرابعة فهي (أَوَلا يَرَوْن) وقد وردت في أربع آيات من آيات القرآن الكريم:
الآية الأولى قوله تعالى:{أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}(التوبة:١٢٦) .
هذا الاستفهام {أَوَلا يَرَوْنَ} في هذه الآية الكريمة يفيد الإنكار والتوبيخ:
فالله سبحانه وتعالى ينكر على أولئك المنافقين زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ويوبخهم أن لا يتوبوا من نفاقهم المنتن، وأن لا يتعظوا بما يريهم الله من آيات وحجج، مع أنهم يبتلون في كل عام مرة أو مرتين بما هو حقيق أن يكون زاجرا يزجر، ورادعا يردع، وواعظا يعظ.
وفعل (يرون) في هذه الصيغة يحتمل أن يكون بمعنى يبصرون فهو متعد إلى مفعول به واحد هو المصدر المؤول من (أنهم يفتنون) ، ويحتمل أن يكون بمعنى يعلمون فهو متعد إلى مفعولين، والمصدر المؤول من (أنهم يفتنون) في محل نصب سدّ مسدّ هذين المفعولين، وتقدير المصدر المؤول على كلا المعنيين: أو لا يرون فتن الله إياهم.
وإعراب {أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} واضح، و (مرةً) منصوب على المصدرية فهو مفعول مطلق، و (مرتين) معطوف بأو على (مرة) وهو مثله منصوب على المصدرية مفعول مطلق.