ولد مالك بالمدينة في قرب نهاية القرن الأول [١] وتلقى العلم على جماعة من التابعين وأهل الفتوى وصرف همه إليه في جد ونشاط وصبر على شدة الحر والجوع، وقد وهبه الله ذاكرة قوية يميز بها الضعفاء من الثقاة على حين كَثُر الكذابون والدجالون الذين يضعون الأحاديث على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. لقد أثر عنه أنه قال:"إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذونه. لقد أدركت سبعين ممن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لو أؤتمن على بيت مال لكان أميناً إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن [٢] ".
وفي رواية ابن وهب وحبيب وابن عبد الحكم عند مطرف عنه قال:"أدركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم شيئا من العلم "[٣] . هكذا كان مالك يتحرى في أخذ الحديث فما كان يتصدى لأخذه إلا إذا تيقن من صحته، واجتمع عليه أهل المدينة ثقة بدينه وتحرزه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال زيد بن ثابت:"إذا رأيت أهل المدينة على شيء فاعلم أنه السنّة "[٤] .