يحدثنا التاريخ الإسلامي قديمه وحديثه أن المسلمين تكون لهم العزة والسيادة إذا تمسكوا بدينهم في جميع شئونهم. وإذا لم يكن لدينهم واقع في حياتهم دبّ الضعف في صفّهم وتداعى عليهم المعتدون كما تتداعى الأكلة على القصعة وليس ذلك عن قلتهم بل إنهم كثير- ولكنهم غثاء كغثاء السيل كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح.
وقد حمل المسلمون السابقون شريعتهم قوية فتية في إطار جميل من المعاملة الطيبة والاحترام الصادق للحقوق والأموال والأعراض.
وساعد على ذلك ما أدركوه وفقهوه من أن تلك الشريعة أشبعت حاجة الناس إلى القواعد العادلة للعلاقات الاجتماعية ولجميع المعاملات، فأيقظت بذلك الضمائر، وأحيت فيها رقابة الله تعالى، فقد علقت الامتياز والخيرية بأمر هو في إمكان الناس جميعا ذلك ما يوحي به قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وما نأخذه ومن قول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى".
وكان من تفاعل المسلمين مع دينهم أن سلوك الواحد منهم في حياته الخاصة والعامة كان انعكاسا لما يقوم به من طاعة وما يؤديه من عبادة مرتفعا عن الأغراض والأهواء لا تتحكم فيه الغرائز والميول.
تمتع المسلمون وهم على هذا المنهج القيم بالقوة والمنعة ودانت لهم الدنيا وملكوا العالم، وسادوا الشعوب ومكن الله لهم في الأرض وتحقق وعد الله القائل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} .