عُقُودُ الزَّبَرجَد على مُسْنَدِ الإمَام أحمَد في إعْرَاب الحَدِيث
ـ٢ـ
تأليف: جلال الدين السيوطي
تحقيق: الدكتور حسن موسى الشاعر
أستاذ مساعد بكلية اللغة العربية بالجامعة
مُسند أُبَّيْ بن كَعْب رضي الله عنه
١ـ حديث "ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله فَرَقا"[١]
[في التمييز][٢] .
[عَرَقًا وفَرَقا] هما منصوبان على التمييز. فالأوّل محّوِل عن الفاعل، والأصل: ففاض عرقي، فحّول الإسناد إلى ضمير المتكلم، وانتصب عرقاَ على التمييز.
قال ابن مالك في شرح التسهيل [٣] : "ممّيز الجملة ما ذكر بعد جملة فعلية مبهمة النسبة. وإنما أطلق على هذا النوع بخصوصه مع أن كلّ تمييز فضلة يلي جملة، لأن لكلّ واحد من جزأي الجملة في هذا النوع قسطاً من الإبهام يرتفع بالتمييز، بخلاف غيره، فإن الإبهام في أحد جزأي جملته، فأطلق على مميزه مميّز مفرد، وعلى هذا النوع مميّز جملة. والأكثر أن يصلح لإسناد الفعل إليه مضافاً إلى المجهول فاعلا، كقولك في: طاب زيدٌ نفساً، و {َاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً}[٤] : طابت نفس زيد، واشتعل شيب الرأس".
وقال الزمخشري في المفصّل [٥] : هذه التمييزات مزالة عن أصلها، إذ الأصل وصف النفس بالطّيب، والعرق بالتصبب، والشيب بالاشتعال، وأن يقال: طابت نفسُه، وتصبب عرقهُ، واشتعل شيبُ رأسي، لأن الفعل في الحقيقة وصف في الفاعل. والسبب في هذه الإزالة قصدهم إلى ضرب من المبالغة والتأكيد.