قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} , وقال تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} .
فيا معشر المسلمين, يا معشر العلماء والطلاب في أقصى المعمورة وأدناها, قد علمتم -وفقكم الله- فضل العلم وأهله العاملين به وأنهم القدوة, وبأيديهم أزمة الأمور؛ أمور الدنيا والدين, وهم القائمون بأعباء هذه الرسالة والمسئولون أمام الله عن أدائها فنرجو لهم التوفيق لتحقيقها. والأمل في الطلاب أنهم سيبلغون ما بلغوا إليه فيقومون بما قاموا به فلو أن العلماء اختلفوا وتفرقوا وكانوا شيعا وأحزابا، مع العلم بأن العامة والخاصة تبع لهؤلاء، فهل يمكن الاجتماع والاتفاق الصحيح بدونهم؟.. كلا بل يهلك التابع والمتبوع, فيكون الجميع نهبا للأعداء, تهددهم الآراء والأهواء الخاطئة, ويسخرهم سوء التصرفات الجائرة حتى يلبسوا سرابيل الذل والصغار، وإن اجتمعوا واتفقوا وكان أمرهم شورى بينهم على الحق فيا بشراهم بالفوز والظفر على كل من ناوأهم وأرادهم بضر وسوء ويشهد لهذا ما سجل في التاريخ عن الأمم الغابرة حين قاموا بأسباب الاجتماع فقد نالوا العز والفخر والتقدم إلى الإمام، حتى بلغوا قمة المجد، وماذا حصل للآخرين حين تفرقوا واختلفوا من الفشل والخور فحل بهم من النكال والهوان والذلة والصغار والاضمحلال والزوال ما هو معروف وأكبر دليل, ومستند في ذلكم ما جاء في الكتاب والسنة الغراء من الأمر بالاجتماع وعدم التفرق، وأن المؤمنين أخوة، وأنهم كالبنيان يشد بعضه بعضا وأنهم كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وأنهم إذا اختلفوا وتفرقوا فشلوا وذهبت ريحكم، وأنهم إذا اجتمعوا وصبروا فالله معهم، ولن يخذل من كان الله معه..