للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمحات تاريخية من حياة ابن تيمية

بقلم الطالب: صالح بن سعيد بن هلابي

لا بد للدارس لحياة ابن تيمية من معرفة الأحوال الفكرية والاجتماعية والسياسية في عصره حتى يأخذ وينظر من خلال تلك الحالة إلى حياة ذلك الإمام العظيم، فقد كان عصره وهو القرن السابع والثامن الهجري يموج موجا بالأفكار الدخيلة على الأمة الإسلامية حيث تشعبت الأفكار واختلفت الآراء في كثير من المسائل الشرعية وخاصة مسائل العقيدة التي يبنى عليها أساس كل شيء.

فقد عاصر بن تيمية فرقا كثيرة من الفرق الإسلامية التي شطحت وابتعدت عن الحق ونابذت أهل الحق في كثير من المسائل الأصولية.

وأكثرها امتدت جذورها إلى دينات أخرى من نصرانية ويهودية ووثنية جاء الإسلام على إنقاذها أو إبطالها من أساسها فمن شيعة إمامية على اختلاف مشاربها وتباعد ديارها، ومن رافضة غلاة أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي ومن معتزلة فلسفية حكمت العقل وحده، ومن جبرية مستسلمة يقولون إن الإنسان لا إرادة له وأنه كالريشة في مهب الرياح تصرفه كيف يشاء..

ومن منتسبة للأشعري آمنت ببعض الصفات وأنكرت بعضها أو أولتها ونصبت نفسها الفرقة الوحيدة التي تمثل أهل السنة والجماعة.

كل هذه الأفكار والفرق عاش ابن تيمية كل حياته في خضمها يجاهد بقلمه ولسانه ويدافع عن جوهر العقيدة الإسلامية دفاع المستميت المتفاني في سبيلها، فقد كتب عن الشيعة والروافض كتابا ضخما عظيما في أربع مجلدات سماه ((منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية)) وهو رد على كتاب ((منهاج الكرامة)) لمؤلفه ابن مطهر الحلي الشيعي المتوفى سنة ٧٢٦هـ وقد كتب ابن مطهر كتابه هذا بصفة خاصة إلى الملك (الجايتو خدابنده) وهو أحد الملوك الإيلخانية ومن أحفاد الملك ((جنكير خان)) يدعوه فيه إلى مذهب الشيعة الإمامية.