شعر أهل الحديث (٢)
بقلم الأستاذ عبد العزيز القارئ
المدرس بالمعهد الثانوى بالجامعة
ما جرى على لسان رسول الله صلى الله وسلم من الشعر:
أي ما صدر منه دون أن يقصد إلى نظمه ويتكلف قوله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كما أسلفنا لم يكن شاعرا (بإجماع العلماء) لقول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} لكن ذلك لم يمنع أن يصدر منه في أحيان نادرة كلام موزون, وذلك شأن من شئون الفصحاء الذين اكتملت فصاحتهم وبلغوا أعلى درجاتها أن يجري على لسانهم الشعر دون أن يقصدوا نظمه أو يعدوا من الشعراء.
وولد عبد المطلب كانوا من أفصح العرب وكانوا شعراء, رجالهم ونساؤهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره الشعبي رحمه الله.
وأكثر ضروب الشعر انتشار بين العرب - الرجز - فكان يجري على لسان كل أحد في شتى المناسبات شاعرا كان أو غير شاعر، وأخص مناسباته معترك الأقران حينما يقرع السنان بالسنان، فتجد الفرسان يرتجزون أبيات الحماسة والفخر.
ويرتجز الركبان أيضا حينما تسير الإبل ويسمى (حداء) ..فهذا (الرجز) نوع ولون من ألوان الشعر, سهل خفيف وجميل، ولذلك حبب إلى نفوسهم فقالوه غالبا دون تكلف لنظمه أو قصد إلى وزنه.. وإذا لاحظت ما جرى على لسان رسول صلى الله عليه وسلم من الشعر تجده من الرجز ليس غير.. وهذا لا يمس قولنا انه لم يكن شاعرا بشيء من الاعتراض أو النقص..وهو وحده لا يكفي ليقال لصاحبه انه شاعر.
من أشهر ما جرى على لسانه صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري وغيره في حديث بناء المسجد أنه كان يرتجز ويقول:
اللهم إنه لا عيش إلا عيش الآخرة
فانصر الأنصار والمهاجرة
فكان الصحابة يرددون معه ذلك. وتلاحظ في هذه الرواية أن الشطر الأول مكسور بل هو في كل روايات هذا الحديث ورد منكسرا وصدق الله عز وجل: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} .
وقد أورده البخاري أيضا في كتاب الصلاة بلفظ:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فاغفر للأنصار والمهاجرة