الطيبات. وقال بعض العلماء: إن الإكراه عذر لمن قبلنا وعليه فالجواب هو:
الوجه الثاني: أن الإكراه على الكفر قد يكون سببا لاستدراج الشيطان إلى استحسانه والاستمرار عليه كما يفهم من مفهوم قوله تعالى: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَان} وإلى هذا الوجه جنح صاحب روح المعاني والأول أظهر عندي وأوضح والله تعالى أعلم.
قوله تعالى:{فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} .هذه الآية تدل على أن عيْبها يكون سببا لترك الملك الغاصب لها ولذلك خرقها الخضر وعموم قوله:{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} يقتضي أخذ الملك للمعيببة والصحيحة معا. والجواب أن في الكلام حذف الصفة وتقديره: كل سفينة صالحة صحيحة. وحذف النعت إذا دل المقام عليه جائز كما أشار له ابن مالك في الخلاصة بقوله:
وما من المنعوت والنعت عقل
يجوز حذفه وفي النعت يقل
ومن شواهد حذف الصفة قول الشاعر:
ورب أسيلة الخدين بكر
مهفهفة لها فرع وجيد
أي لها فرع فاحم وجيد طويل.
وقول عبيد بن الأبرص الأسدي:
من قوله قول ومن فعله
فعل ومن نائله نائل
يعني من قوله قول فصل وفعله فعل جميل ونائله نائل جزل.
---
(١) ولو قيل: إن الذي دخل النار في ذبابة دخلها لمجرد رضاه بالذبح المفهوم من قوله: ما عندي ما أقدم، لأنه أجاب مبدئيا بعدم وجود ما يقدمه بخلاف صاحبه أجاب بعدم تقديمه فعلم منه أن الأول راض عن التقديم لكنه لم يجد ما يقدمه فدخل النار على رضاه وقبوله أما الآخر الذي امتنع فقتل وكان من حقه أن يقدم تقية ولو فعل فلا مانع لأن قلبه مطمئن بالإيمان لكنه لم يفعل فلا حق له. فالظاهر أنه ترك ذلك اختيارا كالذي أخذ أسيرا وأرادوا صلبه بمكة ثم عرضوا عليه أن يتمنى لو أن محمدا صلى الله وسلم مكانه ويتركونه فأبى حتى ولا أن يشاك بشوكة. وكان يمكنه أن يوافقهم تقية لكنه لم يوافقهم.