إن تيسير أسباب المطالعة من أهم عوامل الثقافة، ومهما أوتي المرء من قدرة على اقتناء الكتب فإنه أعجز من أن يظفر بمجموعة كبيرة منها تحتوي مختلف أنواع الكتب أو المجلات أو الصحف، كما أنه أكثر عجزاً من أن تكون لديه مكتبة تضم الآلاف أو عشرات الآلاف من الكتب.
لهذا كانت المكتبات الكبرى من الأمور المتعذر تأمينها لدى الأفراد إلا ما ندر، وإذا ما وجدت لدى البعض مثل هذه المكتبة فإنها لا تتعدى أن تكون مكتبة خاصة ذات نطاق ضيق ومحصور من حيث نوع الكتب وكميتها واقتصارها على صاحبها.
والتعطش إلى الثقافة غير محصور بنوع من المعرفة، وإنما هو عام ويشمل العديد من فروع العلم والمعرفة، ويتمشى انتشار الثقافة طرداً وعكساً مع تقدم الأمة أو تأخرها.
والمثقف من أبناء الشعب هو الذي يجمع إلى معلوماته الخاصة بناحية معينة من المعلوم حصيلة اطلاعاته على كثير من الكتب في مختلف العلوم والفنون، مع ما اكتسبه من خبرات اجتماعية أو إنسانية في حسن معاشرته للآخرين أو تتبعه لأخبارهم أو أسلوب معيشتهم أو طراز حياتهم؛ لأن كل هذه الأمور تدخل في نطاق الثقافة، وترفع مستوى أصحابها.
وليس أدل على حب العلم والازدياد منه في هذه البلاد وفي غيرها من البلدان العربية من كثرة هذه المدارس والجامعات، وحرص الموجهين فيها على استيعاب جميع أبناء الأمة، ومن يفد عليها من الأمم الأخرى، ضمن نطاق ما تتسع له.
والعلم كما هو معروف لا يأتي إلا بالتعلم، والكتاب وسيلة لهذا العلم، والمدرسة مفتاح ومنطلق للتزود منه ومهما توسعت برامج التعليم فإنها قاصرة عن أن تشتمل على جميع عناصر المعرفة، ولا بد للمتعلم في سبيل توسيع معرفته من أن يعب من مناهل العرفان المبثوثة في بطون الكتب وما يلحق بها من وسائل الثقافة العامة، كالمجلات على اختلاف أنواعها والصحف والندوات العلمية.