عرفت آنفاً أقسام الإحداد من حيث الجملة وأنها قسمان جائزٌ وغير جائزٍ وأن كل منهما ينقسم إلى قسمين إذا تقرر هذا فاعلم أن كلامنا هنا خاصٌ بزمن الإحداد والجائز في شريعتنا إذ أننا مطالبون بما فيها من أحكام فنقول: الحداد الجائز على ضربين. على ما بينا قريباً، حداد على القريب الميت غير الزوج وحداد على الزوج وطبقا لهذا التقسيم يكون الكلام في المدة الزمنية اللازمة للإحداد.
وقد رأيت أن أجعل هذا الفصل مبنيا على مبحثين. المبحث الأولى زمن الإحداد على القريب الميت غير الزوج، المبحث الثاني زمن الحداد على الزوج الميت.
المبحث الأول: زمن الحداد على القريب الميت:
إعلم أن الحداد على القريب الميت هو ابتعاد المرأة عن كل مظاهر الزينة التي يدعو فعلها إلى الفرح والسرور ويتنافى مع مظاهر الحزن من المرأة على ذلك الميت. ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية قد رسمت الطريق الذي ينبغي أن تسلكه المرأة عند فقد قريبها وبينت المدة اللازمة للإحداد والتي لا ينبغي تجاوزها وقد رعت الشريعة في ذلك حق المرأة وحق القريب على حد قوله:"لا ضرر ولا ضرار" ومقدار هذه المدة ثلاثة أيام بلياليها يوضحه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة أن تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا".