كلية التربية بالمدينة المنورة - جامعة الملك عبد العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، وبعد:
فإنَّ أصحَّ الكتب بعد كتاب الله عزَّ وجلَّ، صحيحا الإمامين البخاري ومسلم، فهما أول من ألَّف في الصحيح المجرَّد، وشرطهما في إخراج الحديث أشدُّ من شرط غيرهما، ولذلك تلقتهما الأمة بالقبول ابتداءً من علماء عصرهما وحتى يرث الله الأرض ومَن عليها، فكثر الآخذون عنهما، والرواة لكتابيهما، لكن لم تصلنا من روايات الكتابين إلاَّ أشهرها كرواية الفربري عن الإمام البخاري، ورواية ابن سفيان عن الإمام مسلم.
وإن كانت رواية الفربري قد وَجدت اهتماماً من العلماء الذين كتبوا حول سند الجامع الصحيح للبخاري، كابن رُشيد السبتي في كتابه ((إفادة النَّصيح، إلاَّ أنَّني لم أجد من كَتب حول ابن سفيان وروايته لصحيح مسلم استقلالاً، مع أنَّ روايته هي الرواية المعتمدة والكاملة للصحيح، ولذلك استقرَّ في نفسي سدُّ هذه الثغرة في المكتبة الإسلامية والكتابة حول هذا الموضوع، فوجدتُ أنَّ جهود ابن سفيان في خدمة هذا الكتاب لم تقتصر على الرواية فقط، بل وُجدت له زيادات وتعليقات عليه، ولذلك جاء البحث في مقدِّمة، وأربعة مباحث، وخاتمة.
أمَّا المقدِّمة فبيَّنتُ فيها سبب اختياري هذا الموضوع ومنهجي فيه.
وأمَّا المبحث الأول: فكان حول ترجمة ابن سفيان، جمعتُ فيه ما تفرَّق من مادة علمية في بطون المراجع، إضافة إلى استنطاق بعض النصوص لاستنباط معلومات جديدة تُفيد في الكشف عن جوانب من شخصيته.