إذا علمنا أن علم أصول الفقه في أشمل تعريفاته هو: أدلة الأحكام الشرعية- أي مصادرها- وكيفية أخذ الأحكام منها، فإنا نرتب على ذلك أن هذه الأصول قد بدأ وجودها مع البعثة المحمدية ومنذ بدأ القرآن يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأصلت جذورها خلال الثلاثة والعشرين عاما التي هي فترة اكتمال الرسالة الإسلامية. ففي هذه الفترة تكوّن الأصل الأول والمصدر الرئيسي للفقه الإسلامي وهو القرآن الكريم، وفي ذات الفترة تكوّن أيضا الأصل الثاني للفقه وهو السنة النبوية.
وقد أرسى هذان المصدران أسس وقواعد الفقه التي تبلورت فيما بعد في شكل علم منفصل قائم بذاته سمي علم أصول الفقه، كما سنفصل القول في ذلك لاحقاً إن شاء الله.
النظم السابقة للإسلام ليست رافداً من روافد الأصول:
مما هو معلوم أن المجتمعات التي عاشت قبل الإسلام كان لها بعض أعراف وتقاليد ونظم تسير عليها. كانت بعض هذه المجتمعات مكوّنة في جزيرة العرب وبعضها خارج الجزيرة.
ومهما بدا للناظر من عدالة بعض تلك النظم والأعراف فإن مما لا شك فيه أنها كانت ترتكز على ابتداعات البشر المعرضة للانحراف عن العدل فجاء كثير منها واضح الظلم والجور. وسنبين ذلك-إن شاء الله- في الفقرات التالية.