إن الدارس للتاريخ من مصادره الأولية، والذي يقارن ذلك بالدراسات التي طرأت حديثاً أو في فترات تاريخية متعاقبة، يجد أن هناك دراسات وأبحاثاً وخاصة كتابات الغربيين ورجال الكنسية ومن تأثر بهم من الكتاب المحدثين، يلاحظ أن حقائق في التاريخ الإسلامي وأحداثه ومرتكزاته قد أصيبت بالخدش والتجريح، أحياناً في محاولة لاستقراء أحداث التاريخ الإسلامي ووضع افتراضات خاصة للوصول إلى نتائج معينة قد يكون من بينها التأثير على الأحداث الهامة التي كونت التاريخ والتراث الإسلامي بصفة عامة، ولعل مصدر ذلك راجع إلى تأثر بعض ممن يكتبون في التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية بآراء ووجهات نظر لمؤرخين آخانب أو مستشرقين.
فعندما خرجت جيوش الإسلام تحمل لواء الدعوة الإسلامية خارج الجزيرة العربية في جهادها لنشر الإسلام على عهد الخليفة أبي بكر الصديق، كان الدافع الرئيسي هو الجهاد في سبيل الله، ذلك الجهاد الذي بدأه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أرسل الكتب إلى كبار الملوك والأباطرة حينذاك يعرض عليهم اعتناق الإسلام، وشرع في إعلاء كلمة الله.
وكان أبو بكر الصديق، قد نادى المسلمين عند بيعته العامة للجهاد باعتباره ركناً أساسياً لنشر الدين الإسلامي وذلك حين قال في خطبته المشهورة ".. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل ... "[١] .
ورغم ذلك يشير بعض الكتاب بأن هذه الفتحات لا تعدوا أن تكون امتدادا لموجات الهجرات السامية السابقة إلى مناطق الهلال الخصيب وأن هدف هذه الهجرات اقتصادي وذلك بالتحرك من مناطق مجدبة إلى مناطق أكثر خصوبة، ويذكرون آراء ليدعموا بها نظرية العامل الاقتصادي في هذه الفتحات ولا يعطون الهدف الحقيقي من هذه الفتحات الوزن الكافي له.