من تراثنا الشعري
مناسبة القصيدة:
لما استوزر باديس بن حيوس الصنهاجي صاحب غرناطة اليهودي يوسفَ بن إسماعيل المعروف بابن تغزالة، استغل هذا اليهودي منصبه في الدولة فقرب إخوانه اليهود ومكنهم من مناصب الدولة، وأطلق أيديَهم في الأموال فاستغلوا خيراتِ البلاد، واستخفوا بالمسلمين وأذلُّوهم، فأحفظ هذا الَمسلكُ مِن الَيهُوديِّ ابنِ تغزالة وإخوانه الشاعر الزاهد أبا إسحاق إبراهيم بن مسعود التجيبي الإلبيري الأندلسي فأنشأ هذه القصيدة يخاطب فيها صنهاجة ويغريها باليهود ويحرضُ على ذبحهم، والضغط عليهم لقاء ما اقترفوا من ذنب وما نكثوا من عهد، وما أذلوا من نفوس.
وقد كان لهذه القصيدة ما أراد صاحبها، فقد وثبتْ صنهاجة على اليهود يومئذٍ وأعملتْ فيهم سُيوفَها وفيهم الوزير يوسف بن تغزالة.
وفيما يلي نص القصيدة:
ألا قلْ لِصَنهَاجةٍ أجْمَعين
بدورِ النَّدى وأُسد العرينْ
لقد زَلَّ سيدُكم زلَّةً
تَقِرُّ بها أعينُ الشامتين
تخيَّر كاتبَه كافراً
ولَو شاء كان مِن المسلمينْ
فعَزَّ اليهودُ به وانتخَوا
وتاهُوا وكانُوا مِنَ الأرذلِينْ
ونَالُوا مُنَاهُم وجازُوا المدَى
فحَانَ الهلاكُ ومَا يشعُرونْ
فكم مُسلِمٍ فاضلٍ قانتٍ
لأَرْذَلِ قِرْدٍ مِنَ المشركينْ
وَمَا كان ذلك من سَعيهِم
ولكِنَّ مِنَّا يَقُوم المعِينْ
فَهَلا اقتدَى فيهم بالأُلَى
مِنَ القادة الخِيرة المتقينْ
وأنزلهُمْ حيث يَسْتَأهِلُون
وَردَّهُمُ أسفَلَ السافلينْ
وطافُوا لدَيْنَا بِأَخراجهمْ
عليهم صَغَار وذل وَهونْ
وقَمُّوا المزابَل عَن خرقَة
ملَونةٍ لِدِثارِ الَدفينْ
ولم يَسْتَخفُّوا بأَعْلامِنا
ولم يَستطيلُوا عَلى الصالحِينْ
وَلا جَالسُوهُم وَهُم هُجْنة