تابع الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين
حذف أداة الشرط:
قال ابن مالك في باب "المعرف بأداة التعريف":
أل: حرفُ تعريفٍ أو اللامُ فقطْ
فَنَمَطٌ عَّرفتَ قُلْ فيه: النَّمَطْ
أعرب الأزهري لفظة "نمط"مبتدأ، وقال: سوَّغ ذلك إعادته بلفظ المعرفة. و"عرَّفت": شرطٌ حذفت أداته ضرورة. ومفعوله محذوف. و"قُلْ"فعل أمر جواب الشرط، حذفت منه الفاء للضرورة، والشرط وجوابه خبر المبتدأ. والتقدير: فنمط إذا عرَّفته فقل فيه النمط، على معنى: إذا أردت تعريفه فقل.
قلت: مذهب جمهور النحويين أنه لا يجوز حذف أدوات الشرط، لا "إنْ"ولا غيرها.
قال أبو حيان: وقد جوَّز ذلك بعضهم في "إنْ". قال: ويرتفع الفعل بحذفها، وجعل منه قول ذي الرِّمَّة:
وإنسانُ عيني يَحْسِرُ الماءُ تارةً
فيبدو وتارات يَجُمُّ فيَغْرَقُ
أي: إن يحسر الماءُ. فلما حذفت "إنْ"ارتفع الفعل.
وإنما قدر بعضهم فيه "إنْ"محذوفة، لأن قوله "وإنسانُ عيني"مبتدأ، وجملة "يحسر الماءُ تارةً"خبره، وليس ثَمَّ رابط لهذه الجملة بالمبتدأ. فلما خلت من الرابط ذهب من ذهب إلى أصلها جملة شرطية، إذ إنه لا يشترط في الشرط إذا ما وقع خبراً أن يكون الرابط في جملة الشرط، بل قد يكون في جملة الجزاء نحو: زيد إنْ تقم هند يغضب.
وخرَّج بعض المحققين بيت ذي الرمة على أنه من عطف جملة فيها ضمير المبتدأ وهي قوله: "يبدو"بفاء السببية على الجملة المخبر بها الخالية منه وهي قوله: "يحسر الماءُ"، فيُكتفى بذلك، لانتظام الجملتين من حيث العطف بالفاء في نظم جملة واحدة.
وهو الراجح عندي. وقد عدَّ النحاة هذا من روابط الجملة الواقعة خبراً بالمبتدأ نحو: زيدٌ جاءت هند فضربها.
حذف جواب الشرط:
لأداة الشرط - عند البصريين - صدر الكلام، فلا يسبقها شيء من معمولات فعل الشرط، ولا فعل الجواب غير معمول الجواب المرفوع.