أما بعد. فإن الخير والشر ضدان لا يجتمعان، والخير حق والشر باطل، وهما في الضدية في صراع لا يهدأ، وتصير الغلبة لأحدهما على الآخر دوليك، وإنما تحصل هذه الغلبة على أيدي البشر أنفسهم لكن الحق يمتاز بالغلبة على الباطل بأن الله تبارك وتعالى يكون مع أهله ما صدقوا معه، فلا يخضع النصر للقوة المادية بالمقاييس البشري، بخلاف الباطل فإنه لابد لتفوقه من أمرين: القوة المادية الكاسحة وغفلة أهل الحق عن الأخذ بما أمر به الله من الأسباب الإيمانية والقوة المادية التي أمر الله عباده أن يهيئوا لأعدائهم بالإعداد لهم بحسب الاستطاعة.
وبهذه المقدمة يتبين أن واقع المسلمين اليوم مع أعدائهم إنما هو محصلة لهذين السببين.
وما حصل من خلل في بنية المجتمع البشري إنما المسؤول عنه غيبة الإسلام عن حكم واقعهم.
إن الإسلام لا يقر الظلم بجميع صوره وأشكاله يمارس ضد أحد، فالظلم حرام سواء كان ذلك بطريق مباشر أو بغير طريق مباشر، ومن أجل ذلك تأسست الحدود الشرعية لمنع الظلم وكبح جناح الظالمين الذين يزاولون الظلم ضد أمن البشرية في دينها وفي كيانها وفي عقولها وفي كل ما يتصل بحياتها.