أورد الرضى في نهج البلاغة وصف الرجل الكامل ونسبه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بتحريف وزيادة والزيادة قوله:"وكان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل، وكان إن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت وكان على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم وكان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه وهذه المعاني وردت في مكان آخر من كلام ابن المقفع. وأورد ابن قتيبة في عيون الأخبار وصف الرجل الكامل مقتضباً من كلام ابن المقفع، ونسبه للحسن بن علي مع تحريف. ولكن بألفاظ ابن المقفع وأضاف إلى قوله: "وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت. وكان إذا عرض له أمران لا يدري أيهما أقرب إلى الحق نظر أقربهما إلى هواه فخالفه "وهذه الجملة وردت في اليتيمة بحسب روايتنا هكذا: "وإذا بدهك أمران لا تدري أيهما أصوب فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه فإن أكثر الصواب في خلاف الهوى".
وترجح أن عزو هذا الكلام إلى علي بن أبي طالب أو إلى الحسن بن علي هو من فعل من أضافوا على كلام أمير المؤمنين ما ليس منه سامحهم الله، فإن نص عبارة ابن المقفع معلنة عن نفسها بأنه عرف رجلاً هذه صفاته الحسنة فوصفه، ولا يعقل أن يأخذ كلاماً لغيره ويستحل نسبته إليه خصوصاً إذا كان من الكلام المأثور المعروف صاحبه، ثم إن اليتيمة اشتهرت قبل أن يؤلف نهج البلاغة بنحو قرنين ونصف. ويؤيد قولنا هذا ظهور التصنع ماثلاً للعيان، ومن التصنع إدماج سجعات في هذه الجملة الجميلة، حاشا أمير المؤمنين أن يسف في كلامه إلى مثلها، وهو من أكبر الفصحاء.