للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمي الذي أصبح دكتوراً

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}

أعجبت كثيرا بكفاح هذا الرجل الذي يسر له الله أن يرتفع إلى مصاف الذين يعتد بهم بعد أن لم يكن شيئا مذكورا، وأهيب بالكسالى المتقاعسين أن ينهجوا نهجه وقد لخص هذا الرجل كفاحه فيما يلي:

"الجهل ما ألده من عدو.. إنه العدو اللدود الذي يفتك بالشعوب ويشتت خيراتها.. إنه آفة الشعوب ومخدر طاقاتها.. إنه الوحش الكاسر.. ولو كانت قوة الجسم وبروز العضلات تقضي عليه لكنت منذ سنين عديدة قد قضيت عليه.. ولكنني ما زلت ألبس رداءه الحالك السواد.. يطاردني في كل ثانية من ثواني حياتي في البيت.. في الشارع.. مع الأصدقاء في كل ناحية حتى عند وقت الهجيع إلى النوم.. لقد أذاقني العلقم وجعل حياتي ظلاما دامسا لا أتبين طريقي من خلاله.. انتقلت من مكان لآخر أتلمس طلب العمل لأعيش ويعيش من يضمني معهم بيت واحد ويظلنا سقف واحد ولكن محاولاتي باءت بالفشل في أيامها الأولى وذلك لجهلي التام الذي يطلقون عليه- تأدبا- (الأمية) وأخيرا بعد طول عناء ومشقة قبلت في إحدى الشركات كفراش براتب زهيد.. اعتقدت أن مشكلتي قد انتهت وأن الشبح الذي كان يلازمني قد انتصرت عليه.. لكنه ما زال يخيم على حياتي ويكدر صفوها.. فقد عانيت منه الكثير حتى وأنا أتفيأ ظلال عملي الجديد فكم من المرات جرحت كرامتي بكلمات لاذعات بسبب هذا الجهل..