وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد وضعت عقوباتها لمحاربة الجريمة والإجرام؛ فإن هذا وحده لا يكفي لإثبات صلاحية الشريعة وتفوقها على القوانين الوضعية, وإنما يجب أن يثبت بعد ذلك أن هذه العقوبات كافية للقضاء على الإجرام. إذ العبرة في هذا الأمر ليست بالوسائل أو الغايات, وإنما العبرة بكفاية الوسائل لإدراك ما وضعت له من غايات, والقوانين الوضعية نفسها قد قصدت لمحاربة الإجرام والجريمة ووضعت عقوبات معينة لهذا الغرض, ولكنها فشلت في القضاء على الإجرام, والتجربة وحدها هي التي تبين قيمة الأنظمة الجنائية. ولا عبرة بالمنطق المزوق الذي يصح مرة ويخيب أخرى ولست آتي بجديد حين أقول هذا, وإنما أكرر ما قاله علماء القوانين الوضعية مجتمعين في اتحاد القانون الدولي حيث قرّروا أن أحسن نظام جنائي هو الذي يؤدي عملاً إلى نتائج أكيدة في كفاح الجريمة وأن التجارب هي وحدها الكفيلة بإبراز هذا النظام المنشود.
ولقد أبرزت التجارب الحديثة أحسن الأنظمة الجنائية, وتبين أن هذا النظام المنشود هو الشريعة الإسلامية, وكانت التجارب التي امتحنت فيها عقوبات الشريعة على نوعين: كلية وجزئية.