لقد انتاب شباب الأمة العربية والإسلامية التمزق، وشدت أفكاره ومشاعره تيارات تاهت حياته في عوالمها وبين أمواج ظلماتها، وانتهبته عواصف هوجاء من الانحلال أنسته عقيدته، وفَتَّتْ في صلابة رجولته، وقطعت الصلة بينه وبين أمجاد تاريخه، فضاع الشباب أو كاد، وتطايرت روحه في مهاب الفتن.
ومن ثم تضاعفت مسئولية كل عربي عن هذه الأجيال التي تتخبط في الحياة وقد وصمت أسماعها وختم الله على قلوبها فلم يبلغها نذير منذر، أو تطرقها صيحات مصلح، أو تؤثر فيها عبرات مرشد، بل لقد استسلمت هذه الأجيال لغرور المظهر ففتنها عن مستقبلها، ومسئولياتها عن ذلك المستقبل.
وعاشت هذه الأجيال للحيوانية التي تتحكم في دنياها: للأثرة القاتمة، لزخارف الحياة الزائفة، لكل ما يقوض بناء مجتمعها الذي ستقبض على مقاليده في غدها.
وأبصر المشفقون ذلك الشباب وهو يهوي في هاوية لا قاع لها، لا يمسك بشيء، ولا ترده حتى إلى حافة الهاوية صرخات، وعلى شفاه المشفقين أسئلة حائرة: متى؟، ومتى؟، ومتى؟
متى يفيق الشباب من غمرة الفتن، ويفكر في المنزلق الذي أسلم إليه حياته؟
ومتى تبدأ الأمة العربية في مختلف الأقطار تفكيرها في مسئولياتها عن أبنائها، وعن المستقبل الغامض الذي تقف على أبوابه هذه الأجيال؟
ومتى تتحرك الأفكار والأنظار إلى الشباب لتضع له المشاعل على الطريق؟
ومتى تجند الشعوب قواها لتدرأ عن الشباب مخالب الشر التي تمزق كيانه؟
ومتى يكرس المصلحون الجهود لتخطيط مؤمن، ومتابعة يقظة، واستغلال جاد لكل وسائل الإعلام للعمل على بناء نفوس قوية تعرف كيف تؤمن مستقبلها، وتقود مسيرتها في الحياة وتحميها من الأنواء، وتصونها من عبث الأهواء؟
ومتى تنفض الشعوب عنها الغطاء الذي غطَّت تحته طويلا، واسترسلت في كواذب الأحلام؟