للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابع لكتاب السير من التهذيب للإمام البغوي

فصل

قال الله تعالى: {يَا أيُهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا الَّرسُولَ وَأُوِلى الأَمرِ مِنكُمْ} (١) الآية.

وقال ابن عباس: "نزلت في عبد الله بن حذافة إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية. وروي عن سليمان بن بريدة عن أبيه. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرّ أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً.

يكره الغزو بغير إذن الإمام أو الأمير من قبله، لأن الإمام والأمير أعرف بأمر الغزو ومصالحه من غيره.

فلو غزا قوم دون إذنه جاز، لأنه ليس فيه أكثر من التغرير بالنفس وذلك جائز في الجهاد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمرو ابن أمية الضمري ورجلاً من الأنصار سرية وحدها. وبعث عبد الله ابن أنيس سرية وحده.

وإذا بعث الإمام سرية يؤمر عليهم أميراً ويأمرهم بطاعته ويوصيه في حقهم روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص (٢) الأمير فقد عصاني " (٣) .

وعلى الإمام أن يبدأ بقتال من يليه من الكفار لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يلوُنَكُم مِنَ الكُفَارِ} (٤) .

ولأنهم أهدى إلى عورات المسلمين، والمؤنة في قتالهم أخف فإن كان الخوف من الأبعد أكثر بدأ بقتالهم ويوادع من يليه حتى يأمن شرهم في الغيبة فإن النبي صلى الله عليه وسلم وادع يهود المدينة وغزا قريشاً.


(١) سورة النساء آية (٥٩) .
(٢) في أ: (ومن يعصى) .
(٣) متفق عليه. انظر: صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير - باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به ٤/٦٠، صحيح مسلم: كتاب الامارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية ٣/١٤٦٦.
(٤) سورة التوبة آية (١٢٣) .