للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحضارة الإسلامية

لفضيلة الشيخ أحمد عبد الرحيم السايح

لفظ الحضارة في مفهومه الحديث، ومفهومه العالمي المعاصر، قد أصبح أكثر اتساعا، مما كان يدل عليه في مفهومه اللغوي التقليدي.. وإذا كان أصل الحضارة: الإقامة في الحضر. فإن المعاجم اللغوية الحديثة، ترى أن الحضارة هي: الرقي العلمي، والفني، والأدبي، والاجتماعي، والاقتصادي في الحضر.. وبعبارة أخرى أكثر شمولا، هي: الحصيلة الشاملة للمدنية، والثقافية، والفكر، ومجموع الحياة، في أنماطها المادية والمعنوية.. ولهذا كانت الحضارة هي: الخطة العريضة –كماً وكيفاً- التي يسير فيها تاريخ كل أمة من الأمم، ومنها الحضارات القديمة، والحضارات الحديثة والمعاصرة.. ومنها الأطوار الحضارية الكبرى، التي تصور انتقال الإنسان أو الجماعات، من مرحلة إلى مرحلة..

ولئن كان الإسلام قد امتاز بأنه دين الحضارة الإنسانية، فإن الواقع يبين للباحث والمفكر، والدارس، أن الحضارة الإسلامية استمدت كل مقوماتها، وعناصر وجودها، وأسباب نمائها وازدهارها، من الإسلام ذاته..

والإسلام كان ولا يزال دين الحضارة والإنسانية، بمعنى أنه كان منذ نزوله دين عبادة، ودين معاملة، وأنه أنشأ لونا من الحضارة، عرف باسمه، وهو الحضارة الإسلامية.. لهذا نجد أن المستشرقين مدفوعين بدوافع شتى، قد ظلموا الحضارة الإسلامية، حينما أطلقوا عليها في مؤلفاتهم وكتاباتهم: الحضارة العربية أو حضارة العرب، وهذا يدل على الجهل والتجاهل، لأن حضارة عربية بدون إسلام لم تقم..

وقد قامت الحضارة الإسلامية، على دعائم أساسية، جعلت منها حضارة عالمية متميزة، وفريدة من تاريخ البشرية.. ومن ذلك..

أولا: أن الإسلام قد انطوى على طاقة روحية، جعلت منه قوة فاعلة، والشيء المهم في هذه القوة الفاعلة. أنها كانت أصلا جذريا يمس كل الأوضاع في حياة الناس.