أما قول أخينا العلامة "أنه لم يرد مطلقاً في شيء من أحاديث الصلاة وما أكثرها ولو كان له أصل لنقل إلينا ولو عن طريق واحد" فجوابه أن يقال: ليس الأمر كذلك بل قد ورد ما يدل عليه من حديث سهل ووائل وغيرهما كما تقدم وعلى من أخرج القيام بعد الركوع من مدلولها الدليل الصحيح المبين لذلك، وأما قوله وفقه الله:"ويؤيده أن أحداً من السلف لم يفعله ولا ذكره أحد من الأئمة الحديث فيما أعلمه"فجوابه أن يقال: هذا غريب جداً وما الذي يدلنا على أن أحداً من السلف لم يفعله بل الصواب أن ذلك دليل على أنهم كانوا يقبضون في حال القيام بعد الركوع ولو فعلوا خلاف ذلك لنقل لأن الأحاديث السالفة تدل على شرعية القبض حال القيام في الصلاة سواء كان قبل الركوع أو بعده وهو مقتضى ترجمة الإمام البخاري رحمه الله التي ذكرناها في أول هذا المقال كما أن ذلك هو مقتضى كلام الحافظ ابن حجر عليها ولو أن أحداً من السلف فعل خلاف ذلك لنقل إلينا وأكبر من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه أرسل يديه حال قيامه من الركوع ولو فعل ذلك لنقل إلينا كما نقل الصحابة رضي الله عنهم ما هو دون ذلك من أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام وسبق في كلام ابن عبد البر رحمه الله أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف القبض وأقره الحافظ ولا نعلم عن غيره خلافة فاتضح بما ذكرنا أن ما قاله أخونا فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين في هذه المسألة حجة عليه لا له عند التأمل والنظر ومراعاة القواعد المتبعة عند أهل العلم فالله يغفر لنا وله ويعاملنا جميعاً بعفوه ولعله بعد اطلاعه على ما ذكرنا في هذه الكلمة يتضح له الحق فيرجع إليه فإن الحق ضالة المؤمن متى وجدها أخذها وهو بحمد الله ممن ينشد الحق ويسعى إليه ويبذل جهوده الكثيرة في إيضاحه والدعوة إليه.