ينبغي أن يعلم أن ما تقدم من البحث في قبض الشمال باليمين ووضعهما على الصدر أو غيره قبل الركوع وبعده كل ذلك من قبيل السنن وليس من قبيل الواجبات عند أهل العلم فلو أن أحداً صلى مرسلاً ولم يقبض قبل الركوع أو بعده فصلاته صحيحة.
وإنما ترك الأفضل في الصلاة فلا ينبغي لأحد من المسلمين أن يتخذ من الخلاف في هذه المسألة وأشباهها وسيلة إلى النزاع والتهاجر والفرقة فإن ذلك لا يجوز للمسلمين حتى لو قيل إن القبض واجب كما اختاره الشوكاني في النيل بل الواجب على الجميع بذل الجهود في التعاون على البر والتقوى وإيضاح الحق بدليله والحرص على صفاء القلوب وسلامتها من الغل والحقد من بعضهم على بعض كما أن الواجب الحذر من أسباب الفرقة والتهاجر لأن الله سبحانه أوجب على المسلمين أن يعتصموا بحبله جميعاً وأن لا يتفرقوا كما قال سبحانه:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم.." وقد بلغني عن كثير من إخواني المسلمين في إفريقيا وغيرها أنه يقع بينهم شحناء كثيرة وتهاجر بسبب مسألة القبض والإرسال ولا شك أن ذلك منكر لا يجوز وقوعه منهم، بل الواجب على الجميع التناصح والتفاهم في معرفة الحق بدليله مع بقاء المحبة والصفاء والأخوة الإيمانية فقد كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم والعلماء بعدهم رحمهم الله يختلفون في المسائل الفرعية ولا يوجب ذلك بينهم فرقة ولا تهاجرا لأن هدف كل واحد منهم هو معرفة الحق بدليله فمتى ظهر لهم اجتمعوا عليه ومتى خفي على بعضهم لم يضلل أخاه ولم يوجب له ذلك هجره ومقاطعته وعدم الصلاة خلفه فعلينا جميعاً معشر المسلمين أن نتقي الله سبحانه وأن نسير على طريقة السلف الصالح قبلنا في التمسك بالحق والدعوة إليه