يا ولد... ما مفهومها؟ وما مدلولها في المجتمع السلفي؟
بقلم السعيد الشربيني الشرباصي
المدرس بدار الحديث المكية التابعة للجامعة
اعتمدت الدعوة السلفية المباركة على "نظرية الالتزام"التي أعد بحثا علميا فيها يحدد مبادئها، ويشرح اتجاهاتها، ويوضح مظاهرها، ويبين نهجها السليم في اتباع طريق لا يشتط ولا يهن ولا يفرط أو يتعصب، ولا ينحرف يمنة أو ينعطف يسرة.
ولقد ضمنت هذه الدعوة للشريعة الغراء الالتزام بالنصوص العظيمة التي وصلت إلينا من مصادرها الوثيقة. وقد كان لهذا الالتزام أثره المحمود في حماية الدين من الأهواء والآراء، ومن الأمزجة والمتاهات، ومن الشطحات والنطحات، والاختراعات والابتكارات التي يحسب أصحابها أنهم على شيء وما هم على شيء، إن هي إلا أوهام توهموها، وخزعبلات اصطنعوها، تذهب دخانا مع نور الحقيقة، وإشراقة اليقين، وفلق الحق المبين.
ولقد عكست "نظرية الالتزام"أخلاقها العظيمة على المجتمع السعودي بحيث جعلت له اتجاهات معينة، وأخلاقا بارزة لا يتسع المجال لعرضها، وإني لمعني بتسجيلها في بحثي العلمي عن "نظرية الالتزام"في الدعوة السلفية.
واليوم أريد تسجيل ظاهرة عابرة عكستها "نظرية الالتزام"على العامة في الطريق، وفي السوق، وفي الأندية، وهي أسلوب التخاطب الواقعي الذي يتم بلا مبالغة أو تضخيم، ومن غير إطراء أو تحسين. والذي يستخدم كلمة "يا ولد"مع كل الناس، حتى أنه ليروع الغريب الذي لم يفهم حقيقة هذا المجتمع وصدقه وواقعيته حينما ينصرف عن بائع الجرجير مثلا، وقد نسي أن يعطيه قرشا من حقه فيصرخ عليه مناديا يا ولد... ويتلفت يمنه ويسره فلا يجد أحدا بجواره، ويدرك أنه المقصود بهذا اللقب العظيم... وأن البائع يريده ليعطيه بقية حقه.