شبه الشاعر حال الناس في الدنيا يجدون ويجتهدون في الوصول إلى آمالهم وأمانيهم فتقف الخطوب والأحداث في طريقهم، وتحول بينهم وبينها بحال الطير تسرع إلى التقاط الحب فيقف الفخ والصائد في طريقها ويحولان بينها وبين الحب.
ووجه الشبه هو الطمع في الوصول إلى شيء محبوب مع وجود العوائق التي تمنع من الوصول إليه.
إذا تأملنا هذه المجموعة من الشواهد نجد أن وجه الشبه فيها مركبا عقليا غير حقيقي، وبعرضها على آراء الفرسان الثلاثة السابقة نجد أن التشبيهات التي اشتملت عليها من قبيل التمثيل عند عبد القاهر والسكاكي والخطيب القزويني.
قال ابن النبيه:
كالروض تطفو على نهر أزاهره
والليل تجرى الدراري في مجرته
شبه الشاعر هيئة الليل تسبح فيه النجوم بهيئة الروض تطفو أزاهره على النهر.
ووجه الشبه الهيئة الحاصلة من أجرام صغار بيض مستديرة متناثرة فوق شيء يميل لونه إلى السواد.
قال الفرزدق:
ليل يصيح بجانبيه نهار
والشيب ينهض في المشيب كأنه
فقد شبه هيئة ظهور الشيب في الشاب بهيئة ظهور الصبح في جوانب الليل.
ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من اختلاط البياض بالسواد.
وقال الشاعر يصف الشمس وقت طلوعها:
مرآة تبر بدت في كف مرتعش
ولاحت الشمس تحكي عند مطلعها
فقد شبه الشمس وقت طلوعها حيث تكون حمراء لامعة مضطربة بمرآة من ذهب تضطرب في كف ترتعش.
ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من وجود شيء أحمر لامع يهتز ويضطرب..
إذا تأملنا هذه المجموعة من الشواهد كما تأملنا المجموعة السابقة نجد أن وجه الشبه في كل منها هيئة حسية تدرك بالحواس الخمس الظاهرة وبعرضها على آراء الفرسان الثلاثة نجد أن ما احتوته من التشبيهات من قبيل التمثيل عند الخطيب القزويني فقط، أما عند عبد القاهر والسكاكي فهي ليست من قبيل التمثيل.