إن الإسلام يخوض في هذا العصر أعظم معاركه طرا، معركة الدفاع عن البقاء, والدفاع عن المثل، والدفاع عن الأرض، والصمود في وجه التيارات السامة الوافدة من الغرب الصهيوني، ومن الشرق الملحد على السواء.. وفي كنف هذا الواقع الرهيب لا بد من استعمال الوسائل المشروعة كلها لإِفساد خطط الغزاة رجالا أو أفكارا وإقامة مراكز لهذه الغاية في قلب الغرب والشرق من أهم هذه الوسائل. ولا شك أننا قد سجلنا بعض النجاح حتى الآن في مضمار الشكل، فهناك مراكز فخمة في الولايات المتحدة وأوربا إلى حد معقول. ولكن نظرة فاحصة إلى المضمون تكشف لنا حقيقة مؤسفة، وهي أن في هذه المراكز كل شيء من ألوان الدعاية السياسية إلى ألوان الترفيه، إلى حسن استقبال الراغبين في الاطلاع على أشياء من حياة الشرق، ونحو ذلك.. أما عرض الإسلام، والدعوة إليه، وتعهد أبناء الجاليات الإسلامية بما يحفظ لهم دينهم في تلك الأوساط، التي لا تتصل بالمعاني الإسلامية من قريب أو بعيد، فذلك آخر ما يخطر في بال القائمين على معظمها.. وليس هذا بالأمر الغريب، ما دام هؤلاء إنما يمثلون (التيارات التقدمية) في بلادهم، فلا يهمهم من أمر الإسلام إلا ما كان ذا نفع مباشر لهذه الغاية الأولى..
ولقد حدثني بالأمس طبيب عربي كان عائداً لتوه من الغرب.. فقال: "قصدت إلى المركز الإسلامي في ... يحدوني شوق حار لسماع الأذان والانتظام في صفوف الجماعة، وما إن بلغته حتى فوجئت بأبوابه مغلقة وثلاثة من مستخدميه على مقربة منه، فسلمت وسألت: أليس هذا وقت صلاة العصر؟ .. قالوا: بلى. قلت: فعلام لا أسمع أذانا ولا أرى صلاة؟.. فقال كبيرهم: لأننا لا نفتح المسجد إلا أيام الجمعة والعيدين..