الموضع الثالث: زعم أبو تراب أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ماتا ولم يحفظا القرآن كله وقد حفظ أبو بكر من الأحاديث مائة واثنين وأربعين.. وعمر خمسمائة حديث وسبعة وثلاثين.. ولكن ابنه كان أعلم منه فقد حفظ ألفي حديث وستمائة وثلاثين. وغلب الجميع أبو هريرة فله خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة أحاديث فهل نقول أن أبا هريرة كان أفضل من أبي بكر. كلا.. فالفضل غير العلم والفقه والاجتهاد والحفظ.
والجواب أن يقال: لا يخفى ما في هذا الكلام من الجرأة والتهجم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وما يدري أبا تراب أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ماتا ولم يحفظا القرآن كله. إنا نطالبه بإقامة الدليل على ذلك.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" رواه مسلم وغيره من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه..
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من عدة أوجه في الصحيحين وغيرهما أنه أمر أبا بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس في مرضه الذي مات فيه. وقد ترجم البخاري على ذلك بقوله:((باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة)) . وفي الصحيحين وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فتقدم أبو بكر رضي الله عنه يصلي بالناس. الحديث. وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على فعله ورضي بما صنع. وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره"رواه الترمذي فعلم من هذا أن أبا بكر رضي الله عنه كان أعلم الصحابة بالسنة وأقرأهم لكتاب الله تعالى.