يعتبر بحث الفصل والوصل من المباحث الهامة، وقد احتل منزلة كبيرة في تقدير علماء البلاغة إلى درجة أن بعضهم حد البلاغة بأنها معرقة الفصل والوصل، وما ذلك إلا لما يتميز به من دقة في المأخذ وصعوبة في المسلك بحيث (لا يحيط علما بكنهه إلا من أوتي في فهم كلام العرب طبعا سليما ورزق من ادراك أسراره ذوقا سليما)[١]
ويعتبر الجرجاني معرفة الفصل والوصل سبيلا إلى معرفة سائر معاني البلاغة يقول:"وإنه لا يكمل الإحراز الفضيلة فيه أحد إلا كمل لسائر معاني البلاغة"[٢] وفصحاء العرب وبلغاؤهم كانوا حريصين كل الحرص على مراعاة مواطن الفصل والوصل في كلامهم وخطبهم، وينصحون بذلك بقول أبو العباس السفاح لكاتبه:"قف عند مقاطع الكلام وحدوده وإياك أن تخلط المرعى بالمهمل"[٣] ويقول معاوية: "يا أشدق قم عند قروم العرب وجحاجحها فسل لسانك وجل في ميادين البلاغة وليكن لمقاطع الكلام منك على بال فإني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى على علي ابن أبي طالب رضي الله عنه كتابا وكان يتفقد مقاطع الكلام كتفقد المصرم صريمه"
وقصارى القول أن مبحث الفصل والوصل من المباحث الهامة في البلاغة العربية، ونحن هنا نحاول أن نتبين الأطوار التي مر بها إلى أن استوى على سوقه.