في البخاري حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة قال الوليد ابن عيزار أخبرني: قال سمعت أبي عمرو الشيباني يقول:"أخبرنا صاحب هذه الدار (وأومأ بيده إلى دار عبد الله [١] ) قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال:"الصلاة على وقتها", قال: ثم أي؟ قال:"ثم بر الوالدين"، قال ثم أي؟ قال:"الجهاد في سبيل الله", قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني".
اشتمل هذا الحديث على خصال ثلاث هي أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى: أولاهما: الصلاة في وقتها, وقد دلت النصوص الكثيرة على عظم فضل من أوقعها في الوقت كما تضافرت الأدلة الشرعية على عظم جرم من أخرجها عن وقتها ويكفينا في التدليل على ذلك ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله": أي كأنما أصيب بأهله وماله.
وهذا التفسير للحديث يندرج على رواية النصب لكلمتي: أهله وماله، وروى بالرفع لهما وفسره مالك بقوله كأنما انتزع منه أهله وماله وكلمة (على) هاته: التي استعملها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله الصلاة على وقتها هي دالة على الاستعلاء حسب أفضل التفاسير، والاستعلاء هاهنا يراد به التمكن من أدائها في جزء من أجزاء الوقت, ويؤخذ منه: التنصيص على أن هاته الأفضلية تخص بأدائها في جميع أجزاء الوقت.