وقال ابن بطال:"المراد البدار إلى أداء الصلاة في أول الوقت لأن ذلك هو الأحب إلى الله فيؤخذ من هذا أن اداء الصلاة في أول الوقت هو الأحب إلى الله". قال ابن دقيق العيد: ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولاً ولا آخراً وإنما المراد به الاحتراز عما إذا وقعت قضاء". وتعقبه بعضهم بأن لفظ أحب أفعل تفضيل يقتضي المشاركة والزيادة وعليه فيقتضي ذلك أن المحترز عنه محبوب وليس أداء الصلاة بعد وقتها بمحبوب لله تعالى بل هو محرم، فلا ينبغي أن يكون محترزا عنه وهذا يقتضي أن المحترز عنه إنما هو أداؤها في آخر الوقت.
والخلاصة أن أحب الأعمال إلى الله هو أداء الصلاة في أول وقتها.
وثانيها: بر الوالدين والمراد به الإحسان إليهما وامتثال أوامرهما في غير ما يؤدي إلى معصية الله تعالى ورعايتهما رعاية تامة مثل ما رعياه من قبل، مع ترك الإساءة إليهما ولو بما لا يسئ عرفا إذ كانا سبباً في وجوده ورعياه صغيراً جاهلاً محتاجاً فآثراه على أنفسهما، وسهرا ليلهما وأناماه، وجاعا وأطعماه وعريا وكسواه.
لذا لا يملك لهما الجزاء ولو ولي منهما ما ولياه منه، لما لهما من فضيلة التقدم بالنعمة على المكافي عليها وهذا المعنى قد أشار له الله تعالى في كتابه العزيز فأرشدنا إلى أن المرء لا يطمع بمجازاة والديه عما قدماه إليه، وحسبه أن يتوجه بالدعاء لهما عسى أن يتفضل الله عليهما بأحسن الجزاء وأجز له فهو الكفيل بإعطائهما جزاء ذلك العمل. قال جل من قائل:{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} .
قال ابن العربي في تفسيره:"معناه ادع لهما في حياتهما وبعد مماتهما بأن يرحمهما الباري كما رحماك ويرفق بهما كما رفقا بك، فإنه تعالى هو الكفيل بجزاء الوالد عن الولد، إذ لا يستطيع الولد مكافأة والديه أبدا, وفي الحديث:"لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه" فيخلصه من أسر الرق كما خلصه من أسر الصغر.