وكما يطلب البر بالوالدين شرعا في حالة الحياة كذلك بعد الممات. ففي الحديث الصحيح:"أنه جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله: هل بقي من بر والدي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال له صلى الله عليه وسلم:"نعم, الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم الذي لا رحم لك إلا من قبلهما فهذا الذي بقي عليك".
ومما يروى من الأحاديث الدالة على بلوغ بعض الموفقين درجة عليا في الإحسان إلى الوالدين ما روي من أن البرامكة لما حبسوا كان منهم جنب في حاجة الاغتسال فقام ابنه بإناء ماء ليلة كاملة على السراج حتى دفئ فاغتسل به والده، فهذا لعمري منتهى البر بالأبوة.. فليعتبر شبابنا اليوم بأعمال أسلافهم ليفوزوا برضى الله وبره.
وثالثها: الجهاد في سبيل الله لحماية بيضة الإسلام وإعلاء كلمته وكسر شوكة الكفر وإذلاله.
وإذا كان هذا من بعض فضائل الجهاد فأحرى به أن يتبوأ المقام المحمود من بين الأعمال الصالحة، ويحسن بنا أن نذكر كلمة قررها عمنا المرحوم الشيخ محمد النيفر في تأليفه: حسن البيان في حكمة مشروعية الجهاد. وبها تقطع ألسنة بعض المتخرصين من الملاحدة الذين ضلهم الله على علم وفيها موعظة وذكرى لقوم يفقهون.
قال رحمه الله: "إن شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تأسست على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودرء المفسدة قبل جلب المصلحة حتى أنه إذا توقع ضرر أن يرتكب أخفهما".