كم من حديث اشتهر في بطون الكتب واستخرجت منه أحكام وقواعد عامة وأصلت منه أصول وقد يكون ضعيفاً بل موضوعاً بل ربما لا أصل له، ويلاحظ هذا كثيراً ما يقع في كتب الرقائق والزهد والوعظ والإرشاد والفضائل.
وموضوع حديثنا اليوم هو حديث أو يقال إنه حديث "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" وقد انتشر هذا الحديث في كثير من كتب أصول الفقه في باب الإجماع وخاصة إجماع الصحابة هل هو حجة أم لا؟ وربما سكت عنه الكثيرون بعد إيرادهم له ولست آتي بحكم جديد وإنما أنا ناقل وجامع لبعض ما قيل فيه.
وردت هذه الرواية بست روايات مختلفة متقاربة في اللفظ والمعنى، وسأسردها كلها إن شاء الله ونناقشها نقاشاً علمياً من حيث السند حتى نعرف مدى ما تقوم عليه هذه الروايات من حيث الصحة والضعف أو الوضع:
١- الرواية الأولى:
"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" قال الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣هـ في كتابه (جامع بيان العلم وفضله)(١) قال أخبرنا محمد بن إبراهيم بن سعد قراءة مني عليه أن محمد بن أحمد بن يحيى حدثهم قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أيوب الرقي قال لنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار سألتهم عما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم مما في أيدي العامة يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما مثل أصحابي كمثل النجوم أو أصحابي كالنجوم فبأيها اقتدوا اهتدوا".
قال ابن عبد البر:"وهذا الكلام لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وربما رواه عبد الرحيم عن أبيه عن ابن عمر وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم بن زيد لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه، والكلام أيضاً منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ.