السلام عليكم ورحمة الله وبعد: قرأت في العدد الثالث السنة العاشرة من مجلة "الجامعة الإسلامية"تأملاتكم المضيئة في كتابي "الله أو الدمار"وقد سعدت أيما سعادة بالتفاتكم إلى جهدي الضعيف، وتحفيكم به، وتأنيكم في دراسته ونقده. والله أسأل أن ينفع بكم ويحسن إليكم قدر إفادتي من تصويباتكم التي تلقيتها بأدب الطالب المجتهد أمام أستاذه القدير.
غير أني أرجو أن يتسع صدركم لنقطة، وأخرى، بدا لي أن أدفع إليكم برأيي فيهما رغبة في الاستفادة إن شاء الله:
أما الأولى: فمسألة الحديث "اختلاف أمتي رحمة": فقد جعلت ولدي - منذ ألقى الله سبحانه نور الإيمان في صدري - تبصير أجيالنا الناشئة بأن خلاص هذه الأمة منوط بالرجوع إلى أصلها.. وإن في مقدمة تلك الأصول الدعوة إلى العلم. إذ هو طلبة المؤمن أخذه حيث وجده لأنه نتاج تراكمات حضارية تاريخية مستمرة لا تختص به أمة بعينها. وغاية ما يجب أن نسعى فيه الجمع بين نور الإيمان وهدي العقل.. بين الأصالة والمعاصرة، على نسق متناغم مطرد في إطار الفكر الديني الإسلامي. والأستاذ الجليل أكثر مني علما وأوسع اطلاعا في أن مصيبة هذه الأمة أتتها من انغلاق باب الاجتهاد في المتغيرات والفروع مع التمسك بالثوابت والأصول، مدة تزيد على ستة قرون، انطوى فيها ألق الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه وانصرافهم إلى اجترار اجتهادات السلف، وما طرأ على اجتهاداتهم من دخل وتزييف دون إعمال العقل فيما انتهى إلينا بروح العصر.. وبذل الوسع - كما قلتم فضيلتكم - في إصابة الحق حسب توجيهات الكتاب المجيد، ولا بأس بعد ذلك في تباين الفهوم. ففي هذا متسع للمواهب غير محدود..