للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسائل لم يحملها البريد

لفضيلة الشيخ عبد الرؤوف اللبدي

تلميذي العزيز:

كتبت إليّ تقول: لقد أنهيت دراستي الثانوية، وأصبحت طالبا جامعيا، وإني لأرى المقررات واسعة ذات شعب، وأن عليّ أن أدرس ساعات طويلة خارج قاعات المحاضرات، فأرجو أن تقدم إليّ شيئا من النصح، وأن تزوّدني ببعض التجارب.

تلميذي العزيز:

لو كنت أعلم أنك قد دخلت الجامعة طمعا في شهادة تكسب بها الرزق، وتنال بها الوظيفة، ثم لا يهمك بعد ذلك علم ولا يشوقك بحث، ما كتبت إليك نصحا، ولا تحدثت إليك عن تجربة.

ولكني عرفتك على مقاعد الدراسة ذا حياة ونشاط وفطنة، وعرفتك في البيت ذا نفس طُلَعة، تجد خير متعة لها أن تقرأ، وخير محدث تصغي إليه الكتاب.

وذلك _ لا شك _ ينبئ برغبة صادقة في العلم، ونزعة فطرية إلى البحث وأول ما يقوم عليه نجاحك في الدراسة هذه الرغبة التي لها بين جنبيك حسيس وغليان، ثم هذا الإحساس الفطريّ غير المتأثر بعوامل خارجية.

أما أولئك الذين يدرسون بعوامل من الخارج، كأن يكون ذلك خوفا من رسوب وهربا من خزي، أو حرصا على مرضاة أهل وأقارب، أو منافسة للأنداد ومفاخرة في المجالس، أو تصيدا لمناصب الدولة، فقد تكون دراستهم ذات نفع، وقد تكون بحوثهم ذات قيمة، ولكن عطاءهم سرعان ما يؤول إلى انقطاع، كما تلمع البروق في السماء، وكما تسقط الشهب على الأرض.

تلميذي العزيز:

لا بد لك في مطلع عامك الدراسي من جدول تسير عليه، إذا ما كنت خارج قاعات المحاضرات، وأنهيت دوام الحصص اليومية.