هذه هي الرسالة التاسعة من رسائلي إليك، ضمنتها الصيغة الثامنة عشرة من هذه الصيغ التي أدخل فيها على لم النافية الجازمة للفعل المضارع، وصيغا أخرى سوف تقرئينها من بعد.
أما الصيغة الثامنة عشرة فهي:(أو لم يكف) ، وقد وردت في آيتين اثنتين من آيات القرآن الكريم:
الآية الأولى في قوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ}{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .الآيتان (٥٠-٥١) من سورة العنكبوت.
ومعنى همزة الاستفهام في هذه الصيغة:(أو لم يكفهم) الإنكار والتوبيخ.
ينكر الله سبحانه وتعالى على المشركين من قريش القائلين لولا أنزل على محمد آيات من ربه تكون حجة علينا كما جعلت الناقة لصالح والمائدة لعيسى، ينكر الله سبحانه وتعالى على هؤلاء المشركين ويوبخهم أن لم يكفهم آية أنه جل وعلا قد أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب الخالد الصالح على مر الزمان وفي كل مكان، فلا يلحقه بلى ولا يدركه فناء، ولا يصيبه تبديل ولا تحريف، ثم هو يتلى عليهم في كل حين، فلو كانوا ينشدون الإيمان حقا ويتلمسون أسبابه مخلصين لوجدوا فيه - كما يجد المؤمنون به - رحمة ونعمة وموعظة وذكرى.
وإعراب {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِم} واضح وسهل، فالفعل المضارع في (يكفهم) مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وهو الياء من آخره، و (هم) في محل نصب مفعول به.