الكتاب الذي لاريب فيه، ولا نقص يعتريه هو القرآن الكريم، الذكر الحكيم ولا غرو فهو لبلاغة آياته، وسمو إرشاداته،ودقة معلوماته، وقوة دلائله وبيناته، وجمال قسماته، يملأ القلب يقينا بأنه نزل من سماء الحق لهداية الخلق على لسان أمّيّ لم يعرف عنه قبل نزوله انه اشتغل بشيء من علومه، أتى بكلام يساويه في فصاحته، أو يدانيه في بلاغته.
نعم إن كل منصف غير متعسف يجلس إلى مائدة القرآن، ويتأمل ما ورد فيه من معان لابد أن يقتنع بأنه آية الله الكبرى وحجته الخالدة، لابد أن يشهد بأنه بحق كتاب مبين، وواعظ ناطق، وبرهان قاطع، ونورساطع، وعقيدة صافية، وعبادة هادية ومعاملات سليمة، وأخلاق كريمة، وسياسة رحيمة، دستور سماوي، وتشريع روحي، وقانون رباني، وإصلاح اجتماعي، ونظام دولي، ويعتمد عليها طلاب المعرفة ويستند إليها أرباب النظر.
ولا بدع فقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}(١) ـ وروى عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا القرآن مأدبة فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن الله جل الله والنور المبين والشفاء النافع, عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد، أتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته، كل حرف عشر حسنات, أما إني لا أقول {ألم} حرف ولكن ألف ولام وميم". أخرجه الحاكم وصححه