لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمحا جوادا كريما لم ياجره في جوده أحد ولم يسبقه فيه إنسان فإذا جاء رمضان بلغ جوده نهاية الجود حتى كان أجود بالخير من الريح المرسلة وقد روى عنه الرواة:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حينما يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة".
وفي رمضان ارتفعت أعلام الجهاد فوق رؤوس المسلمين، وعقدت لهم ألوية النصر إذ خاضوا كثيراً من المعارك التي جاءت فاصلة بين الحق والباطل والخير والشر وفي مقدمتها غزوة بدر الكبرى التي تعتبر غرة في جبين المعارك الإسلامية إذ فيها نصر الله الطائفة القليلة المستضعفة على الكثرة الطاغية الباغية المستبدة المعتزة بعدتها وعددها، والحق الأعزل على الباطل المغرور الأحمق المدجج.
ونرى القبائل القريبة، والشعوب البعيدة جيش محمد صلى الله عليه وسلم يخرج من معركة متكافئة منتصرا عزيزا كريما فيوقنون أن الأمر بيد الله يعز من يشاء ويذل من يشاء سبحانه {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} .
وهكذا نرى أن النصر في المعارك لا يرجع إلى قوة الاستحكامات وحدها، ولا يتوقف على براعة الخطط وكثرة العدد ووفرة العدد بقدر ما يتوقف على الإيمان بالله الذي يحيط عباده بالعناية والرعاية، ويمدهم بقوة من عنده، ومدد من جنده وفي ذلك يقول سبحانه:{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ} , {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} .