جلست برفقة بعض الكتب العلمية، وقد انقضى من الليل نصفه أو أقل قليلاً، أعد محاضرة لطلبتي في إحدى السنوات المتقدمة في كلية علوم جامعة الرياض لأواصل معهم ما بدءوا دراسته مع مطلع عامهم الدراسي. وعندما فرغت من هذا الالتزام الواجب، شرعت في إعادة ترتيب ما استعنت به من مراجع، فلفت انتباهي كتاب كنت قد استقبلته هدية كريمة من معالي الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ وزير التعليم العالي، ويتضمن نص المحاضرة القيمة التي سبق أن ألقاها في النادي الأدبي بجدة منتصف شهر ذي القعدة من عام خمسة وتسعين وثلاثمائة وألف تحت عنوان ((المرأة ... كيف عاملها الإسلام.؟)) .
كتاب يفرض نفسه:
أخذت الكتاب وشرعت في قراءة ما احتوته صفحاته من حقائق فشعرت بأنه يفرض نفسه على قارئه، فلا يملك إلا أن يتابع القراءة إلى نهاية الكتاب، وذلك للطريقة الفنية والموضوعة الواعية في الأسلوب الذي شاء معاليه أن يصوغ به هذه الرسالة إلى الأمة الإسلامية في وضوح تام، مبيناً وضع المرأة في الحياة بوجه عام _ وتقويم المرأة المسلمة في إطار الشريعة الإسلامية السمحة _ ووضعها في الحياة من وجهة نظر العقيدة الخالدة بوجه خاص. وما أن فرغت من قراءة الكتاب للمرة الأولى حتى حدثتني نفسي بضرورة العودة إليه مرة أخرى، على أن أختار لنفسي ظروفاً أكثر ملاءمة للاستيعاب تسر الناظرين والطاعمين. وهكذا قرأت الكتاب للمرة الثانية، فإذا هو عظيم الفائدة وإنَّ فيه لعظة وعبرة لكل من شاء أن يتعظ أو يعتبر، ولكل من يتطلع إلى نجاح موفق في فهم العلاقات الإنسانية، ويستهدف الرفعة وينشد الكرامة لنفسه وذويه، رجلاً كان أو امرأة، وذلك من خلال الإيمان بالله وكتبه ورسله، عليهم أجمعين أفضل الصلاة وأجل التسليم. فيعرف كل من الرجل والمرأة ما لهما وما عليهما من حقوق وواجبات.