المؤامرات على دين الله الحق بدأت منذ أعلن إبليس الحرب على آدم وذريته قبل هبوط الفريقين إلى الأرض، إذ قال لربه- تصريحا بما يكنه لذرية آدم من الشر-: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}(الأعراف١٥-١٦) , وقد فهم أولو العلم من هذا الوعيد أن عدو الله مصمم على صرف الإنسان عن شريعة الله بقعوده وذريته على منافذها لمنعهم من الوصول إليها ....
ومنذئذ جعل هذا العدو يعبيء قواه بكل ما يملك من وسائل التزوير والإغراء والإفساد لإنفاذ وعيده، فاستحوذ على الكثير من أهل الجهل والغفلة، واتخذ منهم جنودا يدعون إلى النار، ويزينون لأمثالهم طريق قائدهم، وهكذا استحالت البسيطة حلبة صراع لا ينطفيء أوارها بين الأشرار والأخيار، والأحرار والأغرار، حتى تقف مسيرة الحياة.. ويحشر المصلحون والمفسدون لأداء الحساب ...
ولقد اتخذ أعداء الحق في كل واحدة من مراحل المعركة أنواعا من الأسلحة، كان أهمها الانحراف عن منهج الله، الذي زود به الإنسان لحماية نفسه وجنسه من كمائن الشيطان، فأبى أكثر الناس إلا كفورا، وألفوا الانسياق في مواكب الضلال، فكانت البدع، وكانت آلاف النظم التي عمقت الهوة بين الإنسان وخالقه الرحمن.